سورة الشعراء - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


قوله تعالى: {قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} فيه وجهان
أحدهما: أخره وأخاه، قاله ابن عباس.
الثاني: احبسه وأخاه، قاله قتادة.
وفي مشورتهم على فرعون بإرجائه ونهيهم له عن قتله ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهم خافوا إن قتلوه أن يفتن الناس بما شاهدوه منه، وأمّلوا إن جاء السحرة أن يغلبوه.
الثاني: أنهم شاهدوا من فعله ما بهر عقولهم، فخافوا الهلاك من قتله.
الثالث: أن الله صرفهم عن ذلك تثبيتاً لدينه وتأييداً لرسوله.


قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} في الشرذمة وجهان
أحدهما: أنهم سفلة الناس وأدنياؤهم، قاله الضحاك، ومنه قول الأعشى:
وهم الأعبد في أحيائهم *** لعبيدٍ وتراهم شرذمة.
الثاني: أنهم العصبة الباقية من عصبة كبيرة وشرذمة كل شيء بقيته القليلة. ويقال لما قطع من فضول النعال من الجلد شراذم، وللقميص إذا خلق شراذم، وأنشد أبو عبيدة.
جاء الشتاء وقميصي أخلاق *** شراذم يضحك منها التواق
واختلف في عدد بني إسرائيل حين قال فرعون فيهم: إنه لشرذمة قليلون، على أربعة أقاويل:
أحدها: ستمائة وتسعين ألفاً، قال مقاتل: لا يعد ابن عشرين سنة لصغيره ولا ابن ستين لكبره، وهو قول السدي.
الثالث: كانوا ستمائة ألف مقاتل، قاله قتادة.
الرابع: كانوا خمسمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة، وإنما استقل هذا العدد لأمرين:
أحدهما: لكثرة من قتل منهم.
الثاني: لكثرة من كان معه، حكى السدي أنه كان على مقدمته هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف حصان ليس فيها ماديانه، وقال الضحاك كانوا سبعة آلاف ألف.
قوله تعالى: {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ} قراءة ابن كثير ونافع، وأبي عمرو، وقرأ الباقون {حَاذِرُونَ} وفيه أربعة أوجه:
أحدها: أنهما لغتان ومعناهما واحد، حكاه ابن شجرة وقاله أبو عبيدة واسْتَشْهَد بقول الشاعر:
وكنت عليه أحذر الموت وحده *** فلم يبق لي شيء عليه أحاذره.
الثاني: أن الحذر المطبوع على الحذر، والحاذر الفاعل الحذر، حكاه ابن عيسى.
الثالث: أن الحذر الخائف والحاذر المستعد.
الرابع: أن الحذر المتيقظ، والحاذر آخذ السلاح، لأن السلاح يسمى حذراً قاله الله تعالى: {وَخُذُوا حِذْرَكُم} [النساء: 102] أي سلاحكم، وقرأ ابن عامر. {حَادِرُونَ} بدال غير معجمة وفي تأويله وجهان
أحدهما: أقوياء من قولهم جمل حادر إذا كان غليظاً.
الثاني: مسرعون.
قوله تعالى: {وَكُنُوزٍ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: الخزائن.
الثاني: الدفائن.
الثالث: الأنهار، قاله الضحاك.
{وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} فيه ثلاثة أقاويل
أحدها: أنها المنابر، قاله ابن عباس، ومجاهد.
الثاني: مجالس الأمراء، حكاه ابن عيسى.
الثالث: المنازل الحسان، قاله ابن جبير.
ويحتمل رابعاً: أنها مرابط الخيل لتفرد الزعماء بارتباطها عُدة وزينة فصار مقامها أكرم منزول.


قوله تعالى {فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ} فيه ثلاثة أقاويل
أحدها: حين أشرقت الشمس بالشعاع، قاله السدي.
الثاني: حين أشرقت الأرض بالضياء، قاله قتادة.
الثالث: أي بناحية المشرق، قاله أبو عبيدة.
قال الزجاج: يقال شرقت الشمس إذا طلعت، وأشرقت إذا أضاءت.
واختلف في تأخر فرعون وقومه عن موسى وبني إسرائيل حتى أشرقوا على قولين:
أحدهما: لاشتغالهم بدفن أبكارهم لأن الوباء في تلك الليلة وقع فيهم.
الثاني: لأن سحابة أظلتهم فخافوا وأصبحوا، فانقشعت عنهم.
وقرئ {مُشَرِّقِينَ} بالتشديد أي نحو المشرق، مأخوذ من قولهم شرّق وغرّب، إذا سار نحو المشرق والمغرب.
{قَالَ: كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} فيه وجهان
أحدهما: أي سيرشدني إلى الطريق.
الثاني: معناه سيكفيني، قاله السدي.
و {كَلاَّ} كلمة توضع للردع والزجر، وحكي أن موسى لما خرج ببني إسرائيل من مصر أظلم عليهم القمر فقال لقومه: ما هذا؟ فقال علماؤهم: إن يوسف لما حضره الموت أخذ عليها موثقاً من الله ألا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا، قال موسى فأيكم يدري أين قبره؟ قالوا: ما يعلمه إلا عجوز لبني إسرائيل فأرسل إليها فقال: دلِّيني على قبر يوسف، قالت: لا والله لا أفعل حتى تعطيني حكمي، قال: وما حكمك؟ قالت: حكمي أن أكون معك في الجنة فثقل عليه فقيل له أعطاها حكمها فدلتهم عله فاحتفروه واستخرجوا عظامه، فلما ألقوها فإذا الطريق مثل ضوء النهار. فروى أبو بردة عن أبي موسى: أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بأعرابي فأكرمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حَاجَتُكَ» قاله له: ناقة أرحلها وأعنزاً أحلبها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَعَجَزْتَ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائيلَ» فقال الصحابة: وما عجوز بني إسرائيل فَذَكَرَ لَهُم حَالَ هَذِهِ العَجُوزِ الَّتِي حَكَمَت عَلَى مُوسَى أَنْ تَكُونَ مَعَهُ فِي الْجَنَّةِ.
قوله تعالى: {فأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ} روى عكرمة عن ابن عباس أن موسى لما بلغ البحر واتبعه فرعون قاله له فتاهُ يوسع بن نون: أين أمرك ربك؟ قال: أمامك، يشير إلى البحر، ثم ذكر أنه أمر أن يضرب بعصاه البحر فضربه، فانفلق له اثنا عشر طريقاً وكانوا اثني عشر سبطاً لكل سبط طريق، عرض كل طريق فرسخان.
وقال سعيد بن جبير: كان البحر ساكناً لا يتحرك، فلما كان ليلة ضربه موسى بالعصا صار يمد ويجزر.
وحكى النقاش: أن موسى ضرب بعصاه البحر وقد مضى من النهار أربع ساعات، وكان يوم الاثنين عاشر المحرم وهو يوم عاشوراء، قال: والبحر هو نهر النيل ما بين إيلة ومصر وقطعوه في ساعتين، فصارت ست ساعات.
{فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} أي كالجبل العظيم، قاله امرؤ القيس

فبينا المرءُ في الأحياء طُوْدٌ *** رماه الناس عن كَثَبٍ فمالا
وكان الأسباط لا يرى بعضهم بعضاً فقال كل سبط: قد هلك أصحابنا فدعا موسى ربه فجعل في كل حاجز مثل الكوى حتى رأى بعضهم بعضاً.
قوله تعالى: {وَأَرْلَفْنَا ثَمَّ الأَخَرِينَ} فيه وجهان:
أحدهما: قربنا إلى البحر فرعون وقومه، قاله ابن عباس: وقتادة، ومنه قول الشاعر:
وكل يوم مضى أو ليلة سلفت *** فيه النفوس إلى الآجال تزدلف
الثاني: جمعنا فرعون وقومه في البحر، قاله أبو عبيدة، وحكي عن أُبي وابن عباس أنهما قرآ: {وَأَزْلَقْنَا} بالقاف من زلق الأقدام، كأقدام فرعون أغرقهم الله تعالى في البحر حتى أزلقهم في طينه الذي في قعره.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8